الخميس، 18 فبراير 2016

كتاب ولايات الجهاد المتحدة


يسلط كتاب "ولايات الجهاد المتحدة" للكاتب بيتر بيرغن، الضوء على ما بات يعرف اصطلاحا باسم "الإرهاب الداخلي"، ويعتبره خنجرا في خاصرة الولايات المتحدة وشوكة في حلق أجهزة الأمن الأميركية.

ويعتبر بيرغن من الخبراء المعروفين في الولايات المتحدة في مجال الإرهاب، وهو يعمل أستاذا ومنسقا في مركز حروب المستقبل في جامعة ولاية أريزونا الأميركية، وكان محاضرا في جامعة هارفارد الأميركية التي تعتبر من أرقى الجامعات على الصعيد العالمي، بالإضافة إلى كونه كاتبا ومستشارا إعلاميا لوسائل إعلامية كبيرة مثل قناة سي أن أن الأميركية.

ويعتبر بيرغن في كتابه أن الجهود الأميركية التي بذلت بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 لاحتواء ميول "الإرهاب" لدى فئة معينة من المواطنين الأميركيين، لم تكن كافية لاحتواء الخطر الذي يترعرع في أحضان "الوطن"، الولايات المتحدة.




- العنوان: ولايات الجهاد المتحدة
- المؤلف: بيتر بيرغن
-الناشر: كراون للنشر، نيويورك
-عدد الصفحات: 387
-الطبعة: الأولى 2016


ويسوق الكاتب في معرض تحليله للظاهرة، العديد من الإحصائيات التي توضح -من وجهة نظره- الهفوات التي وقعت فيها السلطات الأميركية في تعاملها مع "الإرهاب الداخلي".

ويبين الكتاب أن أكثر من 330 شخصا قد أدينوا بتهم تتعلق بالإرهاب منذ هجمات سبتمبر، وأن 80% من أولئك كانوا إما مواطنين أميركيين أو مقيمين في الولايات المتحدة بصورة شرعية، وبعضهم لم يكتف بالتخطيط لهجمات داخل الولايات المتحدة بل استقلوا طائرات وسافروا إلى أنحاء عديدة من العالم وشاركوا في هجمات دامية، مثل هجمات مومباي في الهند عام 2008.

هذا بالإضافة إلى أنور العولقي الأميركي من أصل يمني الذي أصبح أول مواطن أميركي يُقتَل بنيران وكالة المخابرات المركزية الأميركية، عندما استهدفته غارة أميركية أثناء تواجده في اليمن عام 2011.

ويشير بيرغن في كتابه إلى أن أكثر من ثمانين مواطنا أميركيا وجهت لهم تهم تتعلق بالانضمام إلى تنظيم الدولة، بعد الحصول على أدلة إدانة كافية ضدهم بحسب القانون الأميركي.

ويبدأ الكتاب صفحته الأولى بقصة محمد حمزة خان (19 سنة) الذي ينحدر من أصول هندية وحصل والداه على الجنسية الأميركية، وبعد بلوغه السن القانونية التي تؤهله للحصول على جواز السفر الأميركي، وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه البت في طلبه؛ كان قد حزم أمره على القيام بشيء يبدو أنه كان يدور في خلده لوقت طويل.. الانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية.

"يخلص بيرغن إلى أن تنظيم الدولة نجح في تكتيكه بتبني جدول زمني أكثر جرأة من تنظيم القاعدة، وخاصة فيما يتعلق بإعلان "الخلافة"، فبينما كان الزعيم الراحل للقاعدة يعتبر الخلافة شأنا مؤجلا، ضرب تنظيم الدولة على الحديد وهو ساخن وأعلن البغدادي خليفة"

وبعد استعراض شبه مفصل للأجواء العائلية التي نشأ فيها خان، يخلص بيرغن إلى أن تنظيم الدولة نجح في تكتيكه بتبني جدول زمني أكثر جرأة من تنظيم القاعدة، وخاصة فيما يتعلق بإعلان "الخلافة". فبينما كان الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن يعتبر الخلافة شأنا مؤجلا لمرحلة لاحقة، ضرب تنظيم الدولة على الحديد وهو ساخن وأعلن أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين، الأمر الذي كان له أكبر الأثر في مشاعر قسم كبير من الشباب المسلم في الغرب والشرق، مثل خان الذي كان مقتنعا تماما بأنه ذاهب ليجاهد ويعيش في كنف "دولة إسلامية مثالية".

وفي الفصل الثاني وتحت عنوان "من هم الإرهابيون؟"، يناقش الكتاب خطأ الصورة النمطية "للإرهابيين" في الولايات المتحدة، ويقدم بالأرقام دلائل على أن من يتبنون مبدأ الجهاد ليسوا من غير المتعلمين كما أشيع عنهم، وبمسح الأشخاص الذين كانت لهم صلة بالهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 1993 والهجوم على السفارتين الأميركيتين في أفريقيا عام 1998 وهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وتفجيراتلندن عام 2005، تبين أن نصفهم درسوا في الجامعات، واثنين منهم نالا شهادة الدكتوراه، واثنين منهم كانا قد شرعا في دراسة الدكتوراه.

أما الصورة النمطية الثانية التي يرى الكتاب أنها بنيت على خطأ فهي "الفقر"، ويسوق أمثلة على ترويج دولي رسمي للفقر على أنه أحد الأسباب التي تؤدي إلى التطرف. ويستطرد الكاتب بأرقام ومعلومات عديدة تثبت أن من يتبنون نهج الجهاد -أو قسما كبيرا منهم- لا ينحدرون من بيئة فقيرة ولا يقومون بما يقومون به من أجل المال.

"رغم أن الذين يقعون تحت تصنيف "الذئاب المنفردة" في العادة غير قادرين على القيام بهجمات واسعة النطاق على غرار 11 سبتمبر 2001، فإن خطورتهم تكمن في صعوبة كشفهم، حيث إنهم لا يقومون باتصالات يمكن تتبعها أو ممارسات تمكن مراقبتها"

وفي الفصل الثالث يستعرض الكاتب ما يعرف في الولايات المتحدة باسم "الذئب المنفرد"، في إشارة إلى الذئاب (وهي حيوانات تعيش ضمن مجموعات أو قطعان يكون الكبير فيها مطاعا ومرهوب الجانب) التي تنفى من القطيع وتهيم على وجهها منفردة، وتقوم بالصيد بأسلوب يختلف عن الأسلوب الذي تتبعه الذئاب وهي مجتمعة تحت قائدها.

ويصنف تحت هذا الاسم الأفراد الذين يتبنون تيارا معينا ولكنهم غير منتظمين فيه وليست لهم أي اتصالات به، بيد أنهم يقومون بأعمال يعتقدون أنها محببة إلى ذلك التيار. وآخر مثال على هذه الفئة هما الزوجان سيد رضوان فاروق وتاشفين مالك، اللذان هاجما جمهرة من الناس في مدينة سان برناردينو فقتلا 14 شخصا وجرحا العشرات.

لم يثبت أن للزوجين أي علاقة تنظيمية بتنظيم الدولة أو غيره، إلا أنهما كانا متأثرين بعقيدة التنظيم، وشنّا الهجوم اعتقادا منهما أنهما بذلك يساندان ويدعمان أهداف التنظيم ورسالته الدينية.

ورغم أن الذين يقعون تحت تصنيف "الذئاب المنفردة" في العادة غير قادرين على القيام بهجمات واسعة النطاق على غرار هجمات 11 سبتمبر 2001، فإن خطورتهم تكمن في صعوبة كشفهم حيث إنهم لا يقومون باتصالات يمكن تتبعها أو ممارسات تمكن مراقبتها.



ويمضي الكتاب في مناقشة التحديات التي تواجه الولايات المتحدة من ناحية السيطرة على العناصر التي تعبّر عن أفكارها الدينية بطريقة شبه عسكرية، وينتهي في فصله الأخير إلى التحذير مرة أخرى من ظاهرة "الذئاب المنفردة"، ويعتبرها معضلة قد لا يوجد لها حل في المستقبل المنظور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق