الخوف الغربي من الإسلام طبيعي ومنطقي، بل إن غيابه -لو غاب يومًا- هو ما يقتضي البحث والتقصي والتعليل!!
الغرب مذعور من الإسلام والمسلمين، مع أن الذين قتلوا عشرات من أبنائه لا يشكلون 1 من مليون من الأمة!! ومع أن ضحايانا على أيدي خوارج العصر أضعاف أضعاف الغربيين الذين قضوا في هجمات " إرهابية" عليها ألف علامة استفهام.
الغرب مذعور؛ حكومات وشعوبًا، نخبة وعوام، جميعهم خائفون!! ونحن المسلمين نعجب من رهاب الإسلام في الغرب (Islamophobia) ونعده مؤامرة من صنع غلاتهم، لكن هنالك خوفًا أكبر من تفسيره بالتأجيج السياسي والإعلامي، الذي لا شك في حضوره القوي وتأثيره في تضخيم الظاهرة.
ما أعنيه بعبارة أكثر وضوحًا، هو أن الخوف الغربي من الإسلام طبيعي ومنطقي، بل إن غيابه -لو غاب يومًا- هو ما يقتضي البحث والتقصي والتعليل!!
القلق الغربي من الإسلام يرجع إلى تجاربهم المريرة الفاشلة، فقد برهنت تلك الحملات المستمرة للتخلص من هذا العدو، شدة صلابته وقوة مناعته واستعصاءه على التذويب والتمميع، مع أن ذلك ما تخيلوه أكثر من مرة. فكلما ضحك إبليس عليهم وأوهمهم أنهم دفنوا الإسلام في جوف المساجد المعزولة التي يرتادها الطاعنون في السن، فوجئوا به يشد عضد أتباعه ويستعيدهم من التيه!
في ذروة التغريب القسري المزدوج؛ الشيوعي الإلحادي والرأسمالي الشهواني- حصل ذلك مرات ومرات، وفي كل جولة ينبثق الإسلام بين أهله من جديد فتصحو الناس زرافات.
الغرب مذعور اليوم أكثر مما كان قبل 100 سنة، يوم احتل أكثر بلداننا على أنقاض الدولة العثمانية، فقد انتهت تجربته الاستعمارية إلى الاستغناء عن حملاته الاحتلالية المباشرة بعد أن أنتج نخبة عميلة صنعها على عينه لتحرس مصالحه وتقمعنا وتفقرنا فكانت أشد منه قبحًا وأكثر دموية ووقاحة لكنها اليوم مهددة بالزوال.
ولم يعد أي طاغية خائن يرفع قميص فلسطين قادرًا على تضليلنا بعد أن اكتشفنا أنه أكبر عميل للصهاينة، لقد اكتشفنا اللعبة ولو بثمن باهظ: كنس أدوات الغزاة شرط لتحرير الأرض المغتصبة وليس العكس، نحن موقنون أن طريق القدسيمر بدمشق وبغداد وطهران، هم يقولون قريبًا من ذلك ومرادهم أن حماية العدو في القدس تقتضي إزالتنا من محيطه.
إن غيظ الغربيين طبيعي فهم ما زالوا يتآمرون على هذا الدين منذ رسالة نبينا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إلى هرقل، حتى يومنا هذا، لن يَكٌفُّوا إلى أن تقوم الساعة. في الحروب الصليبية توهموا أنهم سيقضون عليه وتضافر كيدهم مع وحشية المغول فماذا كانت الحصيلة؟ رجع الغزاة الفرنجة مهزومين وظلت أناشيد الأطفال عندهم تتحدث عن شبح صلاح الدين قرونًا! وعندما تجددت الحملات الصليبية عقب تمزيق الدولة العثمانية، وقف المجرم الفرنجي غورو عند قبر صلاح الدين ليقول له: ها قد عدنا يا صلاح الدين! بقيت غصة صلاح الدين في قلوبهم العليلة زهاء سبعة قرون حتى ذلك اليوم(وقعت معركة حطين الخالدة يوم السبت 25 ربيع الثاني 583 هـ الموافق 4 يوليو 1187 م، ودخل المحتل الفرنسي دمشق بعد موقعة ميسلون غير المتكافئة والتي جرت يوم 24 تموز/ يوليو 1920م). ولذلك قال نظير غورو الجنرال البريطاني المجرم اللنبي وهو يجتاز نهر الأردن نحو فلسطين: الآن انتهت الحروب الصليبية.
وجاءتهم فرصة ذهبية من قبل ممثلة بخيانة الصفويين الذين نجح تواطؤهم مع عبيد الصليب، في وقف الفتوحات العثمانية الأوربية لكن الغرب احتاج إلى مؤامرات امتدت 300 سنة حتى تخلص من كابوس الرجل المريض!!
حماس المحاصرة لم تستطيعوا سحقها، الشعب الفلسطيني فشلتم في محوه لتصبح أسطورتكم؛ أرض بلا شعب لشعب بلا أرض صحيحة!! مع أنكم حاصرتموه بعملاء شرسين يفوقون اليهود حقدًا وخساسة. قتلوا منه الكثير لكنه جاء بأمواج بشرية أكبر وبنوعية أقدر على البذل وعلى تمييز الخطوط والألوان، لم يعودوا كبعض الهالكين الذين ظنوا أن النصر يأتيهم من ضريح لينين أو من دراجة هوشي ميني.
وطالبان التي تضم في صفوفها الفقراء وأشباه المتعلمين غالبًا، دوَّخت 19 دولة أطلسية حتى الآن، واضطرت أوباما إلى التراجع عن سحب مرتزقته من بلاد الأفغان بحسب برنامجه السابق.
إن معضلة الغرب معنا تتلخص في كلمة واحدة: المكابرة، إنه يأنف من التعلم من دروس التاريخ، فشل في "تحريرنا" من ديننا يوم جاء باسم الصليب صراحة وبعد قرون تحت راية العلمانية. قد يخشاهم أكثر الحكام لأن تاريخ الغرب مفزع؛ كله خوض في دماء الآخرين وإهلاك للحرث والنسل وإفساد في الأرض.
قد يجدون بيننا عشرة ملايين من المنبهرين بالذل بين أيديهم ومئة مليون أناني لا يكترثون للأقصى وألوفًا من الخونة الذين يبيعون أنفسهم لمن يدفع أكثر لكنهم سيجدون في مواجهتهم أضعاف أضعاف أضعاف عملائهم والمنهزمين حضاريًا ونفسيًا نحن لسنا مغرورين ولا موهومين وإنما نؤمن بأن الله سوف ينصرنا عندما ننصر دينه حق النصر، وكذلك كان تاريخنا في أسوأ مراحله: ضعفنا وانتابنا الوهن وتفرقنا ثم نهضنا وجاهدنا ضد قوى طاغية متجبرة فلم تُفْلح في كسر إرادتنا. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق